إسرائيل تقيم منطقة بحرية عازلة بعمق ثلاثة كيلومترات شمال غزة

شرعت البحرية الاسرائيلية خلال الأيام الماضية بإقامة منطقة أمنية بحرية عازلة، تبدأ من الحدود البحرية الإسرائيلية الفلسطينية شمالا، وحتى منتجع الواحة السياحي المدمر جنوب غربي بيت لاهيا.
ويبلغ عرض شاطئ محافظة شمال غزة نحو ستة كيلومترات فقط، لكن بعد إقامة المنطقة العازلة فانه سيبقى ثلاثة كيلومترات يعمل بها نحو 400 صياد يستخدمون قوارب يدوية "مجداف" لا تشكل خطرا على إسرائيل كما يؤكد الصيادون.
وشوهد عدد من الزوارق البحرية الإسرائيلية وهي تثبت عوامات ضخمة في المنطقة لترسم المنطقة التي يحرم على الصيادين دخولها.
وتضيء هذه العوامات التي تأخذ أشكالا وأبعادا مختلفة في الليل وهي مثبتة بمراس ضخمة.
وبذلك أصبح مصير نحو 200 صياد يعملون في المنطقة مجهولاً بعد أن تعرض العديد منهم لإطلاق النار عندما حاولوا أمس، الدخول إلى المنطقة.
ولا تتردد الزوارق الحربية التي ترابط غرب المنطقة باستمرار بإطلاق النار والقذائف الصوتية والمتفجرة باتجاه الصيادين.
وتنذر إقامة هذه المنطقة بتفاقم أوضاع ومشاكل الصيادين الذين يعانون أصلا ضيق مساحة الصياد المتاحة في المحافظة مقارنة بعدد الصيادين الذين يمارسون المهنة في هذه المنطقة منذ سنوات طويلة.
وقرر العديد من الصيادين البقاء في منازلهم والبحث عن عمل آخر، فيما استبدل آخرون الشباك الكبيرة بشباك صغيرة يصطادون فيها على مقربة من الشاطئ في مياه ضحلة.
وعلى مدار السنوات الماضية تعرض صيادو الشمال إلى انتهاكات واعتداءات مكثفة من زوارق الاحتلال، حيث اعتقل في السنة الأخيرة نحو مئة صياد، إضافة إلى مصادرة واختطاف نحو 35 قاربا وآلاف الأمتار من الشباك.
ويؤكد الصياد رامي السلطان الذي يعمل في المنطقة منذ 18 عاما أن أوضاع الصيادين أصبحت في غاية الخطورة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني بسبب إقامة المنطقة العازلة.
ويشير السلطان إلى أن قوات الاحتلال أقامت المنطقة العازلة في منطقة غنية بالأسماك مقارنة بالمناطق الأخرى.
ويتابع انه لا منطقة بحرية تخلو من الصيادين يستطيع الصيادون التوجه إليها، مشيراً إلى أن جميع ساحل القطاع وخصوصا القريب من محافظة الشمال مقسم بين الصيادين ولا يستطيع احد التعدي على الآخر.
وينشغل الصياد إبراهيم زايد (في منتصف الأربعينات من عمره) بتجميع شباكه وأغراضه القريبة من الحدود واصطحابها إلى منزله لحين معرفة ماذا سيفعلون خلال الأيام المقبلة.
ويقول زايد إن الصيادين يعتمدون في صيدهم في هذه المنطقة على المياه التي تبعد أكثر من خمسمئة متر عن الشاطئ نظراً لوجود الأسماك فيها وهي المنطقة التي شملها المنع الأمني.
ويشير إلى أن الأسماك لا تعيش في المياه الضحلة وهي المنطقة التي بقي للصيادين دخولها في المنطقة، مشيرا إلى أن جميع الصيادين يمتلكون شباكاً مرتفعة جدا خصيصا للمناطق العميقة.
وتفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارا بحريا على البحر منذ عدوانها الواسع على القطاع في نهاية العام الماضي، ولا تسمح للصيادين بتجاوز مسافة ثلاثة كيلو مترات داخل البحر مقارنة بعشرين كيلو متر يحق للصيادين ممارسة المهنة بداخلها وفق ما جاء في اتفاقية أوسلو.
ويصف الصياد رمضان غالب أوضاع الصيادين في الشمال بالمأساوية خصوصا وأنهم يعانون أصلا تدهور أوضاعهم الاقتصادية وعدم اهتمام الجهات الرسمية بمعاناتهم وأوضاعهم المهنية الصعبة جدا.
ويطالب غالب الجهات المعنية باستدراك معاناة الصيادين الذين يفتقدون إلى الحد الأدنى من الرعاية والاهتمام، محذرا في الوقت نفسه من تعرض العديد من عوائل هؤلاء الصيادين إلى المجاعة الحقيقية.
وبحسب الصيادين وعدد من المؤسسات التي قامت بعمليات مسح للمنطقة من قبل فان الغالبية العظمى من الصيادين هم من منطقة غرب بيت لاهيا وتحديدا من حي السلاطين ومنطقة النزلة غرب مدينة جباليا يعدون من شريحة أفقر الفقراء الذين لا يجيدون أية مهنة أخرى باعتبار أن هؤلاء ورثوا المهنة عن آبائهم وأجدادهم.