عنوان المبدعين والمتفوقين الشباب بات معروفاً في سورية

العنوان الذي سيقصده أهالي «المتميزين» بات معروفاً. إذ صار بإمكان الطلاب المبدعين وليس فقط المتفوقين تنمية مواهبهم وقدراتهم واختصار الوقت والجهد لقطعها للوصول الى أهدافهم وتطلعاتهم.المكان هو «المركز الوطني للمتميزين»، الذي افتتحه الرئيس بشار الأسد قبل أيام في مدينة حمص في وسط البلاد، ليكون متاحاً لكل أبناء سورية في مرحلة التعليم قبل الجامعي للانضمام اليه والحصول على تعليم نوعي خلال سنوات المرحلة الثانوية الثلاث، من خلال توفير بيئة تربوية ملائمة من حيث المناهج والخطط الدرسية وطرائق التعليم والتعلم.

غاية المركز الذي أنشئ بمرسوم رئاسي، «البحث عن المواهب التي تتجاوز حدود التفوق المدرسي وتنميتها وفق أسس ومناهج علمية خاصة بهؤلاء المتميزين تتماشى مع مواهبهم وقدراتهم وتعزز روح المبادرة والاكتشاف والإبداع».

ويشمل المركز، الذي يمتد على مساحة 84 الف متر مربع، مباني تعليمية وإدارية وإقامة للطلبة والخبراء وأنشطة فنية ورعاية صحية وملاعب متعددة وحدائق وقاعات التدريس والمخابر والمكتبتين الالكترونية والورقية وسكن الطلاب.

أمّا ما يميز المركز عن المدارس الثانوية العادية، فوجود مناهج خاصة للسنوات الدراسية الثلاث تختلف تماماً من حيث المحتوى والخطط الدراسية والامتحانات الانتقالية والنهائية. ولوحظ فيها «تعميق اتجاه الحداثة العلمية في محتواها ولا سيما في مجالات الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء والمعلوماتية وتحقيق الترابط المنطقي بين موضوعات المقرر الواحد والتناسق مع محتوى المقررات الأخرى وتعميق وظيفة هذه المعارف وتتابعيتها».

إضافة الى ان المناهج تتضمن عدداً من الموضوعات العلمية لكل مادة، تشكل مشاريع بحثية تستند إلى المدخل التكاملي في منهاج المادة الواحدة وإلى عمل الفريق في البحث والاكتشاف. ويعمل الطلبة على المشاريع ويقدمون تقارير عنها تناقش في المركز وفق برنامج زمني محدد. ويتميز المنهج بمرونته باعتباره يسمح للمعلم والمتعلم معاً بتنفيذ بعض الأنشطة والتطبيقات التي يقتضيها تنفيذ المشاريع والتجارب تماشياً مع المستجدات العلمية والتقنية. وخلال الافتتاح الرسمي للمركز، دعا الأسد الى «الاستفادة من كل إمكانات المركز من رعاية علمية وتربوية ونفسية واجتماعية لاكتشاف وتنمية قدرات الطلاب في المجالات المعرفية والبحثية بما يحقق الغايات المرجوة من إنشاء هذا المركز وعلى رأسها بناء نخبة علمية قوية وقادرة على ابتكار أفكار خلاقة ومبدعة تنهض بالمجتمع وتطوره»، مؤكداً ان المركز «على أهميته ليس إلا خطوة أولى في طريق طويل يتطلب تكريس طاقات الكادر الإداري والتعليمي والخبرات المتاحة لاستخراج مكامن الإبداع لدى طلبتنا المتميزين وقدراتهم التي تصب في خدمة تقدم الوطن وازدهاره».

وحض على «متابعة هذه التجربة ووضع معايير ومنهجية لتطبيقها وإجراء عمليات تقييم دورية لأداء المدرسين والإدارة بما يسهم في رفع مستوى التعليم بمختلف أنواعه»، مؤكداً «ضرورة الاستفادة من خريجي المركز لتطوير إمكانيات الدولة من خلال الاستمرار بهذا المسار في الجامعات».

يشار الى ان التعليم في سورية إلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، ومجاني في جميع مراحله، بما فيها التعليم الجامعي العام. ووصل عدد المسجلين في الامتحانات العامة لشهادة التعليم الأساسي لدورة العام الحالي إلى 379.4 الف طالب وطالبة بزيادة 7571 عن العام الماضي. وتحتل مدينة حلب (شمال البلاد) المرتبة الأولى في عدد الطلاب، وتليها دمشق وريفها ثم الحسكة (شمال شرق). وعلى رغم ان القطاع الخاص خطا خطوات واسعة في السنوات الأخيرة لجهة الاستثمار في التعليم والتربية، لايزال متاحاً لطبقة معينة قادرة على تحمل عبئه المادي المرتفع وبالتالي لاتزال المدارس الحكومية الجهة الأساسية في تحمل مستلزمات التعليم ومتطلبات تطويره. وتأتي التربية والتعليم في المرتبة السادسة في قائمة القطاعات لجهة توزيع نسب الإنفاق الاستثماري بعد المواصلات والكهرباء والإدارة والقضاء وفق ما أوردته صحيفة «تشرين» الحكومية.

وأكد وزير التربية علي سعد خلال افتتاح المركز أن التوجهات المقبلة «ستركز على ضرورة الاستمرار في تهيئة الكوادر البشرية لتكون قادرة على التعامل مع بيئة التميز ما يتطلب دورات نوعية مكثفة»، لافتاً الى انه سيتم «الاستعانة بالخبرات العربية والدولية لتحقيق أهداف المركز على أن تتم المحافظة عليه وتوسيع دوره ليشمل تأهيل المدرسين للمدارس الأخرى في النظام التربوي إلى جانب رعاية المواهب الخاصة التي تظهر في المدارس الأخرى».

واشار سعد الى ان «المركز سيؤمن بيئة مثالية لتربية الطلبة المتميزين ورعايتهم لكونه يتمتع بإمكانيات وبنية تضاهي أفضل التجارب العالمية المعنية بالمتميزين»، موضحاً أنه «مجهز بمكتبة الكترونية تتواصل مع معظم المكتبات الشهيرة في العالم ويستطيع الطالب من خلالها الدخول إلى أي مكتبة يختارها إضافة إلى أن الوزارة اطلعت على العديد من التجارب الدولية في مجال رعاية المتميزين ونفذت زيارات متبادلة ووقعت العديد من اتفاقيات التعاون في هذا المجال».

وأوضح سعد أن «معادلة النجاح في تحقيق أهداف المركز الذي يستوعب 200 طالب، تتمحور حول ثلاثية تربوية جوهرية تتألف من المدرس والمنهاج والبيئة التعليمية وقد بذلت أقصى الجهود لتحقيق هذه الأهداف بسوية واحدة».

وعن كيفية التفريق بين الطلبة المتفوقين والمتميزين، قال وزير التربية: «التفوق عبارة عن تفوق عقلي في مجموعة من المواد يعتمد على مستويات معرفية محددة ويتميز بمنهاج محدد ونظام تقييم خاص به ويقارن بين متفوق وآخر بمستوى تحصيل الدرجات، أما التميز فيرتبط بالمستوى العالي للمهارة وله قياساته واختباراته الخاصة ويقاس عبر مجموعة من الاختبارات التي تكون نتائجها عبارة عن ترتيب من المستويات العليا للأداء في مجال معين إلى المستويات الأقل، وبالتالي لكي يكون الطالب متميزاً عليه أن يحقق درجات عالية في الاختبارات الخاصة تكون فروقها واضحة بمقدار كبير عندما تقارن بالطلاب العاديين أو بالمتفوقين على أساس تحصيلي».

وللانتساب الى المركز على الطالب المرور باختبارات معينة تكشف عن مستوى الطالب. وتحدد مستويات التميز على ثلاث مراحل: أولها، اختبار معرفي موضوعي يشمل اللغتين العربية والأجنبية والعلوم العامة والرياضيات. وتشمل المرحلة الثانية اختبارات المهارات العقلية العليا التي تركز على التفكير الابتكاري والنقدي والمنطقي والرياضي والإبداعي الإنتاجي والاستعداد الأكاديمي في مواد الرياضيات. وتشمل المرحلة الثـــالثة مقابلات شفوية تجرى بإشراف الوزارة تركز على جميع جوانب الشخصية للطلبة وبخاصة ما يتعلق منها بمفهوم الحلقات الثلاث للتميز: المحاكمة العقلية والالتزام بالمهمة والإبداع، من قبل لجان مشتركة ومتخصصة في المجال العــلمي الإرشادي التقني وفق استمارات خاصة للمقابلة تتضمن الانتماء الوطني ومحك المحاكمة العلمية السليمة والتواصل الثقافي والاجتماعي والأكاديمي والتقني. علماً أنه يشترط لقبول طلبات الترشيح للدراسة في المركز للطلبة السوريين ومن في حكمهم حصول الطالب على شهادة التعليم الأساسي في العام الذي يتم فيه القبول وبمعدل نجاح لا يقل عن 90 في المئة وأن لا يقل معدل الطالب لمجموع المواد الرياضيات وعلم الأحياء والفيزياء والكيمياء عن 95 في المئة.