الهراوي تفتتح "متحف البقاع البيئي" في رأس بعلبك

برعاية المؤسسة الوطنية للتراث ودعم مجلس الانماء والاعمار وبالتعاون مع البنك الدولي افتتحت السيدة منى الهراوي "متحف البقاع البيئي ـ معصرة الدبس التراثية" خلال حفل أقيم في كنيسة مار اليان في بلدة راس بعلبك، حضره راعي أبرشية بعلبك ـ الهرمل للروم الكاثوليك المطران الياس رحال، الوزير السابق ريمون عودة، رئيس وأعضاء بلدية راس بعلبك، عضو الهيئة التنفيذية في المؤسسة الوطنية للتراث نايلة كتانة كونينغ، المخاتير، الفرقة الموسيقية في كشافة التربية الوطنية وعدد كبير من المواطنين.
وألقت راعية الحفل السيدة الهراوي كلمة قالت فيها: "لقد بادرت المؤسسة الوطنية للتراث بدعم مشكور من مجلس الانماء والاعمار وبالتعاون مع البنك الدولي الى انشاء هذا المتحف البيئي بهدف الحفاظ على معصرة تراثية يُصنع فيها الدبس الطيب من زبيب العنب، كما يُصنع عصير الجلاب، وهي منتوجات صحية يتميز بانتاجها سكان هذه البلدة، والأهم في ذلك هو الاسهام في إحياء الدورة السياحية في منطقة راس بعلبك ـ الهرمل عبر تشجيع الزوار للتعرّف على الدير القديم وكنيسة البربارة الأثرية ومار الياس ومار بولس سمعان وكنيسة الفرنسيسكان وغيرها من الكنائس والمعالم والمنازل الأثرية ة في العديد من قرى وبلدات هذه المنطقة".
وأضافت: "لقد عملت المؤسسة منذ تأسيسها على تحفيز وتجنيد جميع الطاقات من أجل الحفاظ على تراث لبنان وابراز معالمه. إذ ما من مشروع يعود بالخير الى اي منطقة من بلدنا يمكن تنفيذه دون تضافر جميع الجهود الرسمية والخاصة من هيئات وأفراد، وما من مشروع يمكن تنفيذه دون دعم أهل البيت وأهل البلدة وأهل المنطقة".
وألقت عضو المجلس البلدي وسام العرجة كلمة بإسم رئيس البلدية رحبت فيها "بالعمل الدؤوب الذي قامت به المؤسسة الوطنية للتراث بنفض غبار الزمن وإعادة إحياء معصرة الدبس وتحويلها الى متحف بيئي بقاعي".
وهنأت "كل من ساهم في إنجاح حفل الافتتاح الذي أعاد البسمة الى وجوه أهل البلدة".
وأكدت كتانة كونينغ أن "دور المؤسسة هو البحث عن الأماكن الأثرية التراثية وإعادة تأهيلها وتحويلها الى متاحف وعدم السماح بهدمها أو إزالتها".
وبعد قص شريط الافتتاح جال الحضور في أرجاء المعصرة مستمعين الى سعدى منصور ابنة صاحب المعصرة المرحوم سعد الله منصور التي قالت: "هذه المعصرة التراثية كانت في خدمة مالكي حقول العنب في راس بعلبك والقرى المجاورة الذين يرغبون في تحويل انتاجهم من العنب الجاف الى الدبس".
مراحل التصنيع
وعرضت منصور مراحل التصنيع التي تبدأ بأن يضع الزبون انتاجه (الحصة أو الشقرا) من العنب الجاف في حوض مخصص بعد أن يزنها صاحب المعصرة ويسجل اسم أو لقب الزبون وكمية العنب الجاف مع اسم القرية أحيانا والمبلغ المتوجب دفعه، ثم يجري جرش العنب المجفف قبل نقله الى حجر الطاحون (حجر الرحى أو الزغل).
ثم تأتي المرحلة الثانية بوضع العنب المجفف على "المصطبة" او "المدرس" ويبلل بالماء بصورة منتظمة أثناء الجرش لمنعه من الالتصاق. وتتم عملية هرس العنب اليابس بدوران حجر الرحى الذي يعمل بواسطة حيوان المحور (حمار، حصان أو بغل) الذي يدور باتجاه دوران الساعة مع الابقاء على عيني الحيوان مغطاة حتى لا يصاب بالدوران، الى أن يسحق الخليط ويحوله الى عجين.
في المرحلة الثالثة يُرصف العجين يدويا على شكل الكرة يدعى "ألّوع" ويقاس حجمه بكمية العنب اليابس التي يحملها الزبون فيسجل اسمه عليه بواسطة آلة دقيقة الطرف.
وتأتي المرحلة الرابعة "المخزون وعملية الصف" حيث كانت كرات العنب المهروس المنقولة بـ "القفف" توضع على صف واحد فوق بعضها لكي تجف وتصبح قاسية ثم يقدم الزبون بعد أسابيع على تفتيت "الألّوع" بعد ان اشتدت قساوته، فيقطع على شكل شرحات ثم ينقل بـ"القفف" نحو "التيغار".
ومن بعدها تأتي مراحل النقل الى القسم الأعلى من الحوض وعملية التبليل لاستخراج العصير من وعاء "البزل"، ومن ثم الموقد، بعدها يؤخذ العصير المستخرج من وعاء "البزل" ويسكب في "الخلقينة" (وعاء كبير مجوّف عادة من مادة النحاس) ويغلى على النار وهنا يعود قرار وقف عملية الطبخ لسيد المعصرة فوقف العملية باكرا أو متأخرا يفسد الدبس، لذا تؤخذ كمية من "غشاوة" الدبس المغلي وتوضع في وعاء ثم يغمس إصبعه فيها فإذا بقي الدبس متماسكا على إصبعه عند رفعه يعني ذلك أن العمل قد نجح، أما إذا سال فيجب متابعة عملية الطبخ.
أما المرحلة الأخيرة البالغة الأهمية فهي تبريد و"ضرب" الدبس. عندما يصبح العصير دبسا جاهزا يسحب بواسطة "مغرف" ويسكب في وعاء كبير حيث يترك ليبرد بواسطة قضيب قاس من شجر التين ويُفضّل أن ينتهي بثلاثة أصابع. تبدأ عملية الضرب باليد بضربات دائرية وعمودية سريعة داخل الوعاء لزيادة كثافة الدبس ومنع حصول حبيبات داخل العصير. قد ينفذ عملية ضرب الدبس صاحب المعصرة أو الزبون إذا كان من سكان القرية وقد تدوم هذه العملية عشرين يوما وبطريقة متقطعة. يترك بعدها المخزون على حاله في البيت حتى يتم استهلاكه، ويجري تناول الدبس كما هو أو مع اللبن او مع "الطحينة"، وكان العديد من المواطنين يتناولون الدبس مع الثلج في فصل الشتاء.