السرايا الشهابية او القصر الشهابي

صرح صليبي ومعلم أثري قيم، صمد على هيبته ووقاره لفترة زادت على 800 عام في وادي التيم، كان خلالها مركزا للقرار وقاعدة للسيطرة على المناطق المجاورة، عبر حلف سياسي وعسكري طويل الأمد، أبرمه الشهابيون مع الأمراء المعنيين الذين كانوا يحكمون في تلك الحقبة جبل لبنان.
تاريخ القلعة الشهابية هذه مشوب بالغموض فهو يبدأ مع الصليبيين لكنه قد يعود الى زمن أبعد، ففي حين ذكرت بعض المراجع ان هذا الحصن بناه العرب او الرومان، وبعدما انتصر الشهابيون على الصليبيين عام 1170 واستولوا على القلعة، اعادوا بناءها من جديد أو ادخلوا عليها تعديلات ومنذ تلك الفترة شغلها أعضاء من الأسرة الشهابية دون غيرهم، وحاليا تتوزع ملكيتها على 50 عائلة شهابية لكن يسكنها فقط 4 عائلات، وإن كانت القلعة ملكية خاصة فقد تحول الاهتمام بها رسميا بعد أن صنفتها مديرية الآثار عام1962 معلما تاريخيا، بتوجيه من رئيس الجمهورية آنذاك المرحوم فؤاد شهاب.
هذا التصنيف كما تقول رئيسة المؤسسة اللبنانية للمحافظة على السرايا الشهابية الأميرة كارلا شهاب، لم يحفز الجهات المعنية على الاهتمام بهذا الصرح، بل اكتفى العديد من المسؤوليين بزيارات للقلعة التي تكثفت بعد التحرير العام 2000، وتضيف شهاب لقد نجحنا بإدراج السرايا على لائحة التراث العالمي وهي جمعية عالمية تعنى بالآثار القيمة، مما يعني ان السرايا اصبحت من المعالم التي يجب على العالم ان يسعى لإنقاذها.
السرايا الشهابية مؤلفة من ستة طوابق، ثلاثة أدوار فوق الأرض وثلاثة تحتها، ونظراً لإعادة إعمارها على مراحل، تمثل تركيبتها اليوم خليطاً من التقنيات المعمارية، وهي تحوي العديد من التفاصيل الجذابة كالأعمدة النحيلة والنوافذ المقنطرة.
عند المدخل درجات عريضة ينفتح عندها بسهولة باب يعود الى العهد الصليبي، ويتيح الممر المواجه والبالغ عرضه اربعة أمتار وارتفاعه ثلاثة أمتار مرور الفرسان الداخلين الى القلعة دون الحاجة للترجل عن جيادهم. وتزين أسود حجرية تمثل شعار نبالة العائلة الشهابية الجدران المحاذية للبوابة المقنطرة. وهناك أسدان ضخمان مقيدان بسلاسل على مقربة من ارنب ضعيف غير مقيد وتظهر مجموعة من الأسود الصغيرة داخل القوس فوق المدخل، وفي الطرف البعيد من الفناء فتحة مقوسة عريضة داخل جدار من الحجر الأسود والأبيض. كانت هذه الفتحة هي مدخل للديوان وإلى صالون الست شمس، زوجة بشير الشهابي الثاني حاكم جبل لبنان في تلك الحقبة، وإلى يسار الديوان بني الجناح الذي شغله ابراهيم باشا بن محمد علي باشا والي مصر خلال حملة شنها ضد العثمانيين سنة 1838.