العسكرية بدأت محاكمة 54 ملاحقاً بينهم سعوديان في ملف الانتماء الى تنظيم على صلة بـ"القاعدة"

مجموعة كبيرة من الموقوفين والمدعى عليهم في قضية ما يسمى "الامارة الاسلامية" التي كان منوياً اعلانها في طرابلس وعلى صلة بتنظيم"القاعدة" واحبطت في مهدها في حينه، غصت بها قاعة المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن نزار خليل والمستشار المدني داني الزعني في حضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية رهيف رمضان ومسؤول من السفارة الاوسترالية لوجود ثلاثة متهمين لبنانيين يحاكمون في هذا الملف ويحملون الجنسية الاوسترالية.
ويتهم افراد هذه المجموعة وعددهم 54 مدعى عليهم بينهم 28 موقوفا بالانتماء الى تنظيم مسلح بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والاموال والحض على التقتيل والنهب والتخريب من خلال حيازة مواد متفجرة وملتهبة واقدام 19 منهم على نقل ارهابيين الى شقة الشهال في طرابلس وتزويدهم اسلحة استعملت لتنفيذ جرم قتل عسكريين ومدنيين ومحاولة قتل آخرين، كذلك اقدام 51 من المدعى عليهم على نقل اسلحة وذخائر حربية من دون ترخيص، واقدموا جميعا باستثناء واحد منهم على مساعدة مجرمين على التواري وتأمين المأوى والطعام لهم.
في المستهل، ردّت الهيئة دفوعا شكلية للموقوف السوري هاني بدر الدين السنكري بسبق الادعاء والتلازم، لكونه إدّعي عليه بالجرم نفسه ويحاكم امام المحكمة نفسها في دعوى اخرى. والامر عينه اثاره الموقوف عبد الرزاق محمد العلي مشيرا الى انه لوحق بالجرائم نفسها امام المجلس العدلي طالبا كف التعقبات عنه.
واعتبرت المحكمة ان ثمة اختلافاً في الملاحقتين بالنسبة الى السنكري، وانتفاء التلازم. وفي الشكل ردت الدفع المثار من الموقوف الثاني، موضحة ان شروط المادة 73 من قانون اصول المحاكمات الجزائية تعدلت ولا تدخل المادة 182 من قانون العقوبات، وقررت السير في المحاكمة من النقطة التي وصلت اليها.
وتلي القرار الاتهامي الذي احال المدعى عليهم على حدة على المحاكمة بمقتضى المواد 335 و549 و201 و291 من قانون العقوبات والمادتين 5 و6 من قانون مكافحة الارهاب الصادر عام 1958 .واستجوبت الهيئة الموقوف الشيخ نبيل رحيم الذي سأله رئيس المحكمة خليل خلال استجوابه اكثر من مرة ما اذا كانت جرت مبايعته اميرا على الامارة في طرابلس المحكي عنها، وهو ما نفاه رحيم، متراجعا عن قسم من اقواله السابقة التي ادلى بها قبل المحاكمة ومؤكدا في الوقت نفسه القسم الآخر من مضمونها. واشار الى انه ايّد القسم في حينه ثم تراجع عنه "لأخفف عن نفسي التعذيب”. وافاد انه يعرف المتهم محمد بسام اسماعيل حمود الملقب بـ"ابو بكر" من خلال لقائهما في احد جوامع مدينة طرابلس حيث كانا يتداولان الاخبار عن مآسي الشعب الفلسطيني في فلسطين والمقاومة اللبنانية ضد اسرائيل ويتحادثان عن أي بلد منكوب بسبب الاحتلالين الاسرائيلي والاميركي.
وعن نفسه قال انه يخطب في جامعين في محلتي باب الرمل وابي سمرا في طرابلس كل يوم جمعة من الاسبوع"، وفي العاشر من كانون الثاني 2008، تواريت وعزمت على تسليم نفسي، وما لبثت ان تريثت لوجود مشاكل، وبناء على نصيحة سياسيين”.
وردا على سؤال قال انه التقى امير حركة "فتح الاسلام" شاكر العبسي في مخيم نهر البارد وتحادثا في سبب محاربة اسرائيل دفاعا عن حقوق المسلمين.
وسئل عن مبلغ من المال ضبط معه فأجاب بأن قسما منه يعود اليه وقسما آخر لمعهد "دار الحديث" في طرابلس وهو مسؤول فيه.
وبسؤاله عن المدعى عليه في هذا الملف معاز عبد الرزاق مرعب اجاب بأنه سمع انه اوقف في سوريا، فيما المدعى عليه زهير حسن عيسى اوقف في اوستراليا، مضيفا انه اختلف مع المدعى عليه محمد نور الدين غلاييني في طرابلس.
وسئل: بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري اتفقت مع آخرين على انشاء هيكلية لنصرة المسلمين والاعتناء بامورهم؟. أجاب: "ما عزمنا على القيام به ينحصر في النشاط الخيري فحسب"، نافيا علمه بتقسيم الامارة المزعومة الى عدد من المجموعات.
وعن علاقته بالمدعى عليه السعودي عبد الرحمن يحيى عبد العزيز اليحيى الملقب بـ"طلحت" والمنتمي الى تنظيم "القاعدة" قال رحيم انه طلب منه التعرف الى رجال الدين في الجوامع.
وعن السعودي الآخر الملاحق في هذا الملف الموقوف عبد الله محمد بيشي الملقب بـ"ابو عبد الله" قال انه حضر الى لبنان بقصد الزواج "وازدادت معرفتي به في مقر التوقيف في السجن، وقبل توقيفه حصلت خلافات بينه وبين المسؤولين في فتح الاسلام، مشيرا الى انه تعرف بواسطة ايهاب تدمري الى السعودي طلحت في اطار تعرفه الى رجال الدين في طرابلس بينهم الداعية الشهال، نافيا ما ورد في افادته الاولية لجهة ان يكون تدمري المرشد الروحي لـ"القاعدة". وافاد انه ادلى بهذه الواقعة تخفيفا للضغط الذي تعرّض له حينذاك مثلما وافق على مضمون اسئلة اخرى طرحت عليه اثناء التحقيق كطرح مجموعة اسماء. وطلب مواجهته بالتركماني للمجاهرة امامه بان ما سبق ان ذكره غير صحيح. واوضح انه التقى طلحت السعودي مرتين احداهما في المعهد، وفصلت اشهر بين اللقاء الاول والثاني. واشار الى عدم علاقته بالشقق المستأجرة، واحداها شقة الشهال التي حصلت فيها معركة بين مسلحين وقوى امنية. وأفاد ان دوره اقتصر على ارشاد التركماني الى شقق فحسب، ولم يستأجر هو أياً منها.
وردا على سؤال ذكر رحيم ان المعهد مدعوم ماليا من مؤسسات سعودية ومن أهل السنة في اوستراليا ومؤسسات خيرية اخرى.
وسئل عن شخص يدعى فواز، فأجاب بأنه لم يكن يعرف ان اسمه فواز، وقيل له ان اتصالات تربطه بالقاعدة و"فتح الاسلام".
وسأله العميد خليل: "هل تعلم ان فواز عُين اميرا لـ"القاعدة" في بلاد الشام؟"، فاجابه"هذا ما سمعته في التحقيق"، مستطرداً "انا لم اقابله ابدا في سوريا". وأشار "الى انه زار السعودية كثيرا وقابل فيها مشايخ وعلماء في الدين.
وعن التسلح قال "ان ثمة ظاهرة تسلح كانت سائدة للمقاومة اضافة الى مشكلة باب التبانة وجبل محسن. وطالبت بسحب الفتنة”.
وسئل عن شخص يدعى علاء فأجاب: "قيل لي انه تابع للقاعدة وانه هو من عرفني الى ابو الوليد، واخبرني انه كان في العراق وفرً الى سوريا ومنها الى السعودية”.
ونفى رحيم ان يكون بايع احدا اميرا مشيرا الى انه بعد توقيف المتهمين السنكري والبيشي اوقف علاقته بالجميع تلافيا لاعتقال احد بسببه. وقال: "ضربنا بحجر كبير.لا توجد امارة، ولا سعودية، ولا شيء"، مرجحا ان يكون وراء ذلك "الاعلام وبعض الاجهزة الامنية"، وناقلا عن مخابرات في الجيش قولها له خلال التحقيق الاولي معه "نحن مقتنعون بانكم لا شيء". وتوجه الى رئيس المحكمة: "نحن نؤمن بالعيش المشترك يا حضرة الرئيس. ان عددا من الموقوفين في هذه المجموعة لا اعرفهم. صدقوني. انا تعرفت اليهم في السجن". وافاد انه اعتذر من شاكر العبسي بعدما طلب الاخير منه التعاون "لانني لم اكن مقتنعا بفكرهم" مستغربا الكلام على امارة او سوى ذلك.
وعن الاشتباك بين مسلحين في شقة في شارع المئتين في طرابلس وعناصر من قوى الامن الداخلي عشية بدء المعارك في مخيم نهر البارد، قال: "مكثت في منزلي في ابو سمرا من دون حراك .لم اكن على معرفة باي من المسلحين باستثناء ايهاب تدمري"، لافتا الى ان طلحت السعودي كان غادر لبنان قبل تلك الاشتباكات وتحديدا في السابع من شباط بعدما كان حضر الى بيروت من طريق المطار واقام شهرين في لبنان.
وقيل لرحيم ان الموقوف في ملف "فتح الاسلام" احمد مرعي ذكر انك المسؤول عن الامارة واطلقت صواريخ على اسرائيل وفي حوزتك 250 الف اورو"؟. اجاب: "انا لا اعرف شيئا من هذا الكلام، ولا احمد مرعي. لقد قالوا لي الكلام نفسه في فرع المعلومات". وطلب من المحكمة "النظر الينا انا ورفاقي الحاضرين هنا. فجميعنا لا علاقة لنا بالمادة 549 (من قانون العقوبات وتتعلق بتهمة القتل عمدا وتنص على عقوبة الاعدام).
واخيرا سئل: ورد في الملف ان طلحت طلب نقل سلاح الى مخيم عين الحلوة؟. اجاب: "لقد ترك لبنان قبل ثلاثة اشهر من بدء معارك مخيم نهر البارد واوقف في سوريا قبل بدء تلك المعارك. انا اتكلم براحتي هنا من دون تهديد او وعيد كما حصل معي في التحقيق الاولي".
ثم استجوب الموقوف عثمان احمد تركماني الذي افاد انه يعمل سائقا في المعهد ولا علاقة له من قريب او من بعيد بكل ما ورد في الملف من تهم في حقه. وقال: "لم اسمع يوما بكلام على امارة في طرابلس لحماية اهل السنة، ولم اسمع بمجلس الشورى الخاص بهذه الامارة الا في التحقيق .كما لم افد يوما ان (المتهم) نبيل رحيم هو رئيس الامارة في لبنان ولم ار مبايعة لامارة امامي”.
وتراجع الموقوف ربيع بهجات شعلان عن جميع اقواله الاولية مشيرا الى انه ادلى بها تحت وطأة التعذيب. وارجئت الجلسة الى الثاني من ايلول المقبل لمتابعة استجواب الموقوفين.