لميا شديد
البترون:
أطلقت عليها بلدية البترون اسم «لؤلؤة البحر المتوسط» فجاء الاسم على مسمى. انها مدينة البترون، المدينة التاريخية، بوابة الشمال، والرابضة على ساحل البحر الابيض المتوسط والرابضة على بحر من الآثار والمعالم التي تكتشف يوما بعد يوم. وكلما أجريت حفريات ظهرت مكتشفات جديدة ونواويس وفخاريات وعظام دلت على قدم المدينة التي تتباهى وتتفاخر بأنها من أقدم مدن الشاطئ الذي حمل الى العالم حرفا وحضارة وتمدنا ولونا أرجوانيا.
فالبترون مدينة التاريخ، وهي من أقدم مدن العالم القديم حتى قيل إنها قبل روما وحلب وانطاكية وبعلبك، وقد شهدت حضارات كثيرة، فينيقية، رومانية، بيزنطية، صليبية، عربية وعثمانية.
البترون تستعيد نهضتها السياحية
وتشهد مدينة البترون منذ سنوات نهضة سياحية مميزة حيث نشطت الحياة الليلية مع انتشار المراقص والمطاعم والمقاهي في شارعها العام وفي أسواقها الداخلية القديمة، والتي بات يقصدها رواد السهر ومحبو الرقص، ما أحدث نقلة نوعية في وجه المدينة حيث تحولت كل المحال والمؤسسات التي كانت تعمل في السوق التجاري الى أماكن للرقص والسهر والتسلية. وبات الشارع الرئيسي للمدينة في حلة سياحية جديدة، يشكل مقصدا للسياح اللبنانيين والاجانب.
واعتادت البترون على استقطاب السياح منذ الستينيات يوم اشتهرت بالليموناضة البترونية، فتحولت يومها الى استراحة تستوقف كل زائر في مطاعمها لتذوق الليموناضة المميزة بنكهة خاصة، حتى أنّ السكان دأبوا ما قبل العام 1940 على إحياء عيد خاص لليموناضة، فتستقبل المدينة زوارها لتقدّم لهم « عصارة خيراتها « في أحضان أسواقها القديمة.
هذا بالاضافة الى انتشار المسابح والمنتجعات البحرية التي تعج صيفا باللبنانيين والاجانب الذين يقصدونها لتمضية عطلتهم الصيفية ولممارسة رياضاتهم البحرية المفضّلة كالسباحة وركوب الألواح الشراعية والتزلج المائي أو لنزهة بحرية على متن قارب أو يخت يتسنَى خلالها للسائح التمتع بمشاهدة السور الفينيقي والشاطئ الصخري وبيوت العقد القديمة.
كل ذلك يساهم في النهضة العمرانية والسياحية التي تشهدها مدينة البترون التي جعلتها محطة مهمة في البرامج السياحية لأن زيارة البترون تفرح وتغني وتثقف.
آثار مدينة البترون
تعتبر مدينة البترون من أقدم المدن الساحلية بآثارها التي تعود الى العصر الحجري، وكانت من شاطئها الى أعلى قممها، بوديانها وهضباتها مكسوة بالغابات، وتبين الآثار حول مجرى نهر الجوز عن وجود عظام متحجرة للحيوانات، وآلات بدائية من فؤوس وأدوات صوانية تدل على توطن الانسان في هذه المنطقة والسكن والكهوف.
وبحكم موقعها الاستراتيجي، جذبت اليها الفينيقيين والأيطوريين والرومان والفرس والعرب والأيوبيين والصليبيين ومن أبرز آثارها:
المسرح الروماني:
يقع شرق وسط المدينة في حيّ «مراح الشيخ». وقد حفر هذا المسرح في الصخر على شكل نصف دائري و يجلس داخله المشاهدون وظهورهم للشرق. الرومان هم من بنى هذا المدرج لذلك عرف بالمدرج الروماني، وقد بنوه على تلة للاشراف على الميناء. وقد شبه «رينان» هذا المدرج بمسرح مدينة «أورانج» في الجنوب الشرقي من فرنسا.
لهذا المسرح امتداد تحت المنازل، كما أنّه يمتد غربا حيث حمّامات مطمورة تحت الأرض ويقال إن من ضمنه ملعبا يمتد باتجاه السوق القديم أو المدينة القديمة.
ويظهر هذا المسرح الأهمية المالية والثقافية لمدينة البترون في الحقبة الرومانية، حيث أعطي لسكانها الحق في سَكّ العملة باسمها في الفترة الممتدة من معركة أكسيوم حتى منتصف القرن الثالث الميلادي.
السور البحري الفينيقي:
وتتميز مدينة البترون بسور فينيقي طبيعي على شاطئها. هو سور من الحجر الرملي طوله يبلغ حوالى 250 مترا وعرضه متر واحد بارتفاع خمسة أمتار ويمتد غربا من المحلة المعروفة بالبحصة وصولا الى مرفأ البترون الفينيقي القديم. وكان في الأساس كثبانا رملية تحجرت في مطلع الطور الجيولوجي الرابع (منذ حوالى مليون سنة) وبدأ الإنسان البتروني يقتطع منها الصخور الرملية الصلبة لبناء دور العبادة والمنازل والدكاكين والخانات والفنادق والمدارس والأديرة وحتى الجدران التي تكوّن حدود الملكيّات في مدينة البترون الى أن اتضح شكله كما هو الآن، وهذا السور وقف صدّاً أمام العواصف البحرية وفي وجه الغزاة. سور البترون نحتته يد الانسان بواسطة أدوات بدائية لحماية المدينة من الغزاة، ولرد أهوال الطبيعة عنها.
حوض صناعة السفن
يحمي السور حوض لصناعة السفن، يبلغ طوله 33 مترا بعرض ستة أمتار، وهو واحد من الأحواض التي أنشأها الفينيقيون لصناعة السفن. يذكر أنه في العام 315 ق.م. بنى البحارة اسطولا لأنطوخيوس الصقلي من خشب الارز.
صخرة مقعد المير:
يقع في محلة البحصة جنوب شرق السور وهو على شكل نصف دائري منحوت في صخر رملي فوق بركة ماء، ويمكن الوصول اليه عبر درج ولا يفصله عن البحر الا عشرة امتار. مقعد المير أعطى اسمه للمدينة وهو صخرة حفر فيها من جهة الغرب باب ودرج يرقى بواسطته الزائر الى سطحها.
بركة بنت الملك
على بعد مسافة قليلة من مقعد المير بركة بنت الملك وهي بركة صغيرة منحوتة في الصخر، كانت أليسار تستخدمها للاستحمام.
السوق التجاري القديم
بني السوق التجاري القديم من حجر رملي تزينه القناطر والشرفات، وفي سقوف بعض أبنيته رسوم رائعة. وقد بلغت الحركة التجارية ذروتها في منتصف القرن التاسع عشر بفضل المرفأ الذي سهل وصول البضائع الى المحال التجارية. وقد ذكر أحد الزوار الأجانب في العام 1820 بأن مدينة البترون هي الوحيدة بعد طرابلس بإمكان الزائر ان يجد فيها ما يحتاجه في سفره.
وقد عزز هذه الحركة التجارية استخراج الاسفنج من أعماق البحر وتصديره الى ما وراء البحار.
بين 2003 و2004 شهدت الاسواق القديمة ورشة ترميم فرصفت بحجر البزلت الاسود وترميم الابنية التراثية القديمة لاعادة إحياء الطابع المعماري الذي تميزت به. وتتميّز أبنيتها بعقودها المتصالبة والسريرية والمزدوجة (عقد أفكح أو أعرج) من الحجر الرملي البتروني المنشأ، وهي إنجاز طبقة اجتماعية غنيّة من البورجوازيين التجار والصناعيين، وكانت تجمع عدداً كبيراً من الدكاكين والمحال التجارية والخانات والفنادق والمعامل، وفي طبقاتها العليا المنازل.
كاتدرائية مار اسطفان:
ومن الأسواق، نحو كاتدرائية مار اسطفان للموارنة التي يعود تاريخ بنائها الى العام 1897 (انتهى بناؤها في مطلع القرن العشرين)، وقد بنيت مكان كنيسة مار اسطفان الصليبية وهي من أكبر وأجمل الكنائس في لبنان، وتطل على ميناء الصيادين. وَضع تصميم هذه الكاتدرائية وأشرف على بنائها المهندس المعماري الإيطالي جوزيبي ماجّوري. طراز بنائها مزيج من الفن البيزنطي والفن الروماني مع تأثير من الفن القوطي. تتألف من صحن رئيسي ومن جناحين باتجاه شرقي غربي، ولها ثلاثة مذابح، الرئيسي في الوسط على اسم القديس اسطفانوس والشمالي على اسم قلب يسوع الأقدس والجنوبي على اسم السيّدة مريم العذراء. حجارتها رمليّة بترونية المنشأ. ويقال ان أعمدتها نقلت من هيكل عشتروت في دير القلعة ـ بيت مري وتتصدر الكاتدرائية فوق المذبح الرئيسي لوحة فنية للقديس اسطفانوس من عمل الرسام الإيطالي Giosti..
بئر القاضي:
جنوبي كاتدرائية مار اسطفان يقع «بئر القاضي» الذي حفر في أواخر القرن التاسع عشر على أيدي عدد من أبناء مدينة البترون. موّل أعمال الحفر القاضي مخايل ابراهيم الخوري، ممّا يفسر تسمية البئر، وشرب من مياهه سكّان مدينة البترون حتى سنة 1961.
كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس
تقع في الجهة الجنوبية الغربية من بئر القاضي كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس (انتهى بناؤها في آب 1867). وبانيها هو معلم العمار طانيوس ديبو من البترون. بنيت هذه الكنيسة من الحجر الرملي البتروني المنشأ، وبابها الرئيسي (جهة الجنوب) من الحجر الكلسي التحومي. تتألف من عقدين: عقد قبّة وهو الرئيسي والأكثر ارتفاعا والأجمل في أي بناء في لبنان، وعقد متصالب فوق المذبح. تتميز هذه الكنيسة بوجود خدر للنساء لحضور القداس يقع شمال وجنوب الكنيسة من الداخل وتحت القبة حيث يرقى إليه بدرج.
القلعة الفينيقية:
تقع القلعة الفينيقية قبالة السور الفينيقي. وقد بنى هذه القلعة ملك صور إيتوبعل الأول في القرن التاسع عشر قبل الميلاد لحماية مملكته من الغزو الأشوري أيام نبوخذ نصر ملك بابل، ومنهم من يرجع بناءها الى أيتوبعل الثاني عام 814 ل.م. غير أن زلزال 9 تموز 551 ب.م. خرّب هذه القلعة، فأعاد بناءها سكان البترون آنذاك بطريقة عشوائية كما نراها الآن. واستعملها العرب والصليبيون والمماليك والعثمانيون. وما يرى من هذه القلعة هو جزؤها العلوي. اكتسبت القلعة الفينيقية التي تسمى القلعة البحرية شهرة واسعة وتوسعت المدينة وازدهرت بسبب اختيار الفينيقيين لها موقعا لرد الهجمات الأشورية.
كنيسة سيّدة الساحة للموارنة:
وبقرب القلعة الفينيقية ولجهتها الجنوبية تقع كنيسة سيّدة الساحة (1898) وهي ذات طراز بسيط غير معقود مبنية بالحجر الرملي البتروني المنشأ.
كنيسة سيّدة البحر العجائبية للروم الارثوذكس:
الى كنيسة سيّدة البحر العجائبية للروم الأرثوذكس التي تشرف على السور البحري (الفينيقي). هي مبنية بالحجر الرملي البتروني المنشأ وذات عقد سريري واحد باتجاه شرقي غربي. لا يُعرف تاريخ بنائها، بل فيها أيقونات رسمها بماء الذهب اسحق الأورشليمي سنة 1863.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
28 | 29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 |
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 1 |