الولايات المتحدة تعزّز جيشاً... يراقب الحدود

غسان سعود
طائرات من دون طيار هبة اميركية للبنانطائرات من دون طيار هبة اميركية للبنانلا فعالية لجيش لا يملك قوات جوية فعالة. أمر يردده معظم المسؤولين في مؤسسة الجيش. ويفترض أن وزير الدفاع الياس المرّ والحكومة اللبنانية يعرفان ذلك جيداً. من هنا ربما، كان حرص وزير الدفاع كلما احتدم النقاش بشأن الاستراتيجية الدفاعية، على الطيران إلى إحدى الدول الصديقة والتأكيد أن العمل جارٍ لتعزيز قدرات سلاح الجو اللبناني.
وقد أبدت في السنتين الماضيتين كل من السعودية والإمارات وروسيا والولايات المتحدة استعداداً لتعزيز القوات الجوية اللبنانية. لتبدأ القصة: نيّات السعودية والإمارات بقيت مجرد نيّات، فيما أعلنت روسيا أمام المرّ، على لسان وزير دفاعها استعدادها لمنح لبنان عشر طائرات مقاتلة من طراز ميج 29. لكن مصادر عسكرية في القوات الجوية تؤكد أن المعلومات تشير إلى انتهاء الموضوع عند هذا الحد، إذ لم يبادر لبنان إلى أي خطوة تشرّع حصوله على هذه الطائرات.
أما الولايات المتحدة، فسارعت إلى تسليم الدولة اللبنانية عشر طائرات. وقد حرص نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن، في 23/5/2009 إلى الحضور إلى بيروت والإشراف على تسليم بعضها إلى وزير الدفاع، وإبلاغه في الصوت والصورة اعتقاد الولايات المتحدة «أن من المهم جداً أن تتمكنوا من القيام بمهمّتكم في الدفاع عن المواطنين والدولة»، مردداً: «دولة واحدة، مجموعة مسلحة واحدة، شرطة واحدة، وقدرة واحدة على التحكم ببلادكم». وكان بايدن في الزيارة نفسها قد أكد لرئيس الجمهورية أن بلاده «ستجري تقويماً لبرنامج مساعداتها بالاستناد إلى تشكيلة الحكومة المقبلة وسياساتها».
عدد الطائرات المقدمة إلى لبنان، بحسب السفارة الأميركية، عشرة. لكن بعض المصادر العسكرية تقول إنها 12 طائرة.
الهدية الأميركية اسمها RQ-11 Raven وتستحق بعض الاهتمام: هي طائرة من دون طيّار يتحكم بها عن بعد. وزنها نحو 1,8 كلغ، سعرها نحو 25 ألف دولار، تستطيع الطيران مسافة 10 كلم على علو 305 أمتار، بسرعة تراوح بين 28 و60 كلم في الساعة. ويمكنها الطيران 80 دقيقة متواصلة. وهي تُحمَّل آلة للتسجيل وكاميرا ملوّنة تعمل بالأشعة تحت الحمراء للرؤية الليلية. ويمكن التحكم بها مباشرة أو تحديد هدف تذهب لتتقصاه مستخدمة نظام GPS. كذلك يمكن إعادتها إلى النقطة التي انطلقت منها مباشرة عبر الضغط على مفتاح. وقد تحفّظ الضباط في القوات الجوية في الجيش اللبناني عن الإدلاء بأي معلومات يعرفونها بشأن الطائرات الجديدة، مع العلم بأن البحث على الإنترنت يُمكن من يرغب بتعلم استخدام هذه الطائرات أن يحسن ذلك بأقل من ساعتين. وقد فوجئ بعض الضباط في القوات الجوية بالهدية التي لا تفيد الدولة اللبنانية بشيء على مستوى الصراع مع إسرائيل، ويمكن أي ثري شراؤها لمراقبة المنطقة التي تحيط بقصره. ويبدي أحد ضباط سلاح الجو المتقاعدين استياءه مما يصفه بضحك دول كثيرة على اللبنانيين عبر القول لهم إنهم سيعززون الجيش، وعملياً لا يعطونه أكثر من بعض المعدات التي لا تنفعه بأكثر من إخماد بعض الحرائق الصغيرة ورش المبيدات للحشرات، مشيراً إلى امتلاك الجيش اليوم 23 طوافة من نوع بيل 205 uh – lb، و9 طوافات غازيل SA 34، وطوافات تدريب عدّة، إضافة إلى 3 طائرات هوكر هنتر. وفي متحف القوات الجوية أكثر من 25 نوعاً من الطائرات. ويختم الضابط المتقاعد كلامه بإبداء قلقه من أن يكون الغرب قد فهم الأمر خطأً واعتقد أن الدولة اللبنانية تريد تعزيز متحف القوات الجوية لا القوات الجوية نفسها.
من جهة أخرى، يكشف ضابط آخر أن المساعدات العسكرية الأميركية للبنان منذ حرب تموز بلغت نصف مليون دولار، وتالياً ينتظر أن يغدق الأميركيون على اللبنانيين بمساعدات تبلغ قيمتها 4.5 ملايين دولار، لأن الكونغرس الأميركي سبق أن أقر في السنتين الماضيتين تبرع الحكومة الأميركية للبنان بمساعدات عسكرية قيمتها 5 ملايين دولار. والجدير ذكره في ما يتعلق بالمساعدات الأميركية للبنانيين أن قرار الكونغرس ينصّ حرفياً على دعم لبنان بهدف «إحكام السيطرة اللبنانية على الجنوب والمخيّمات الفلسطينيّة لمنع استخدامها قواعد لضرب إسرائيل»، و«لتحسين قدرات الجيش اللبناني لإجراء عمليات التجوال والمراقبة الحدوديّة».
في النتيجة، يؤكد أحد الضباط في سلاح الجو اللبناني أنهم يتطلعون إلى أكثر من فُتات، وهم يعتقدون أن اللحظة سانحة لتعزيز قدرات الجيش جدياً تمهيداً لأدائه وظيفته الوطنية في محاربة إسرائيل، كما تنص عقيدته.

أوّل عمليّة عسكريّة وأوّل سقوط

العملية العسكرية الأولى للقوات الجوية اللبنانية، تقرّرت في 20 آب 1949، وهدفت إلى محاصرة مجموعات عشائرية في منطقة البقاع اتهمت بعدم الالتزام بالقانون. وإثر «نجاح العملية»، كما يقول الموقع الرسمي للجيش اللبناني، أصدر قائد الجيش فؤاد شهاب يومها قراراً بأن يقوم سلاح الطيران بكامل طائراته بجولة على علوّ منخفض فوق كل المناطق اللبنانية لتعزيز ثقة المواطنين بدولتهم. وفي 16 تموز 1952 فُجع السلاح بأول حادثة سقوط طائرة تدريب. وقد كان على متنها الطيار الرقيب جان أيوب وزميله الجندي جورج قزحيا، وقد قتل الاثنان ودمّرت الطائرة. وأدّى التحقيق إلى خلاصة مفادها أن الحادث سببه تهوّر وطيش من الطيار الشاب، الذي بدأ يقوم فوق بلدة جزين حيث تسكن خطيبته بحركات بهلوانية جوية ليريها براعته، وتابع بحركة انقضاضية نحو الأرض طالت لحظة أكثر من اللازم فتعذّر عليه تقويم الطائرة فاصطدمت بأرض الجبل وتحطّمت.